قالت روسيا اليوم الجمعة إن مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ضد الرئيس فلاديمير بوتين لا قيمة لها.
ودأبت موسكو على نفي الاتهامات بأن قواتها ارتكبت فظائع خلال غزوها لجارتها المستمر منذ عام.
وبوتين هو ثالث رئيس يصدر بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية بعد الرئيس السوداني عمر البشير والليبي معمر القذافي.
ولن ينتهي الأمر ببوتين على الأرجح إلى المحكمة قريبا، لكن المذكرة تعني أنه يمكن اعتقاله وإرساله إلى لاهاي إذا كان يسافر إلى أي من الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية.
وأصدرت المحكمة مذكرة اعتقال بوتين للاشتباه في تورطه في ترحيل غير قانوني لأطفال ونقل غير قانوني لأشخاص من أراضي أوكرانيا إلى روسيا الاتحادية. كما أصدرت مذكرة توقيف بحق ماريا لفوفا بيلوفا، المفوضة الروسية لحقوق الأطفال، استنادا للاتهامات نفسها.
ولم تخف روسيا برنامجا جلبت بموجبه آلاف الأطفال الأوكرانيين إلى روسيا، لكنها تقدمه على أنه حملة إنسانية لحماية الأيتام والأطفال الذين تم التخلي عنهم في منطقة الصراع.
وفي أول رد فعل على الأخبار الواردة من موسكو، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، عبر قناتها على تليجرام “قرارات المحكمة الجنائية الدولية ليس لها قيمة بالنسبة لبلدنا، حتى من الناحية القانونية”.
وأضافت “روسيا ليست طرفا في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وليس عليها أي التزامات بموجبه”.
وذكر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن روسيا ترى أن المسائل التي طرحتها الجنائية الدولية “شائنة وغير مقبولة” وأن أي قرارات للمحكمة “باطلة” فيما يتعلق بروسيا.
مجرد بداية
أشاد مسؤولون أوكرانيون بارزون بقرار المحكمة الجنائية الدولية وأشاد المدعي العام للبلاد أندريه كوستين بالقرار ووصفه بأنه “تاريخي لأوكرانيا ونظام القانون الدولي بأكمله”.
وقال أندريه يرماك، كبير موظفي الرئاسة، إن إصدار المذكرة “مجرد بداية”.
ورحب المدعي العام الأوكراني أندريه كوستين بالخطوة ووصف القرار بأنه “تاريخي بالنسبة لأوكرانيا والنظام القانوني الدولي بالكامل… لكنه ليس سوى بداية طريق طويل لاستعادة العدالة”.
وفتح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان تحقيقا في جرائم حرب محتملة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية في أوكرانيا قبل عام. وسلط الضوء خلال أربع رحلات إلى أوكرانيا على أنه كان يبحث في جرائم مزعومة ضد الأطفال واستهداف البنية التحتية المدنية.
جاء تحرك المحكمة الجنائية الدولية بعد يوم من اتهام هيئة تحقيق مفوضة من الأمم المتحدة لروسيا بارتكاب جرائم حرب واسعة النطاق في أوكرانيا تضمنت القتل العمد والتعذيب وفي بعض الحالات جعل الأطفال يشاهدون أحباءهم وهم يتعرضون للاغتصاب واحتجاز آخرين بجانب الجثث.
تأتي تلك الأنباء أيضا قبل زيارة رسمية مقررة للرئيس الصيني شي جين بينغ إلى موسكو الأسبوع المقبل من المرجح أن تعزز العلاقات الروسية الصينية في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين موسكو والغرب مستويات جديدة من التدهور.
وفرضت دول غربية عقوبات لم يسبق لها مثيل على روسيا بعد أن أرسلت عشرات الآلاف من قواتها إلى أوكرانيا في 24 فبراير شباط 2022.
وأبرمت بكين وموسكو شراكة “بلا حدود” قبل فترة وجيزة من الغزو وأعرب زعماء الولايات المتحدة وأوروبا عن قلقهم من احتمال إرسال بكين أسلحة إلى روسيا.
ونفت الصين أي خطة من هذا القبيل، وانتقدت إمدادات الأسلحة الغربية لأوكرانيا، والتي ستشمل قريبا طائرات مقاتلة بعد أن وافقت بولندا وسلوفاكيا هذا الأسبوع على تسليمها. وقال الكرملين إن الطائرات سيتم تدميرها ببساطة.
وتحرص الصين على وقف الانتقادات الغربية بشأن أوكرانيا، لكن علاقاتها الوثيقة مع روسيا ورفضها وصف حرب موسكو بأنها غزو أثار الشكوك بشأن احتمال أن تلعب بكين دور الوسيط في الصراع.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي إن لدى الولايات المتحدة مخاوف كبيرة من أن تحاول الصين إظهار نفسها كصانعة سلام في الحرب من خلال الترويج لوقف إطلاق النار.
وأضاف كيربي في إفادة صحفية أن أي وقف لإطلاق النار في هذا الوقت لن يؤدي إلى سلام عادل ودائم بين أوكرانيا وروسيا.
شحنات الحبوب
تنتهي غدا السبت مدة سريان اتفاق دولي للسماح بالتصدير الآمن للحبوب من موانئ أوكرانية على البحر الأسود. ووافقت روسيا على تمديده لمدة 60 يوما بينما دعت أوكرانيا، إلى جانب الأمم المتحدة وتركيا، اللتين توسطتا في الاتفاق الأصلي، إلى تمديده لمدة 120 يوما.
لم تذكر روسيا سبب إصرارها على المدة الأقصر، على الرغم من أنها اشتكت من أن العقوبات الغربية تعرقل صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة.
وقال مكتب الأمم المتحدة في جنيف اليوم الجمعة إن المناقشات مستمرة بشأن تمديد الاتفاق الضروري لمنع أزمة غذاء عالمية لكون أوكرانيا من كبار الدول المصدرة للحبوب. والتمديد لمدة أقصر من شأنه تقييد الصادرات الأوكرانية، والتي لا تزال أقل بكثير من مستويات ما قبل الغزو.
